تعظيم الأستفادة من مياه الصرف الصحى المعالج

تعظيم الأستفادة من مياه الصرف الصحى المعالج
فى الزراعة
ا.د نبيل فتحى السيد قنديل
رئيس بحوث البيئة – معهد بحوث الأراضى والمياه والبيئة- مركز البحوث الزراعية
Email:kandil.nabil@yahoo.com

تهتم الدولة بالمحافظة على بيئة نظيفة وتعطى اولية قصوى لمواجهة مختلف التحديات البيئية الناتجة من الممارسات السلبية للمواطنين ومؤسسات الأنتاج والهيئات الخدمية مما يلوث البيئة وتمثل مخاطر على صحة الأنسان وإستنزاف للثروات الطبيعية. وتأتى المياه من المصادر الطبيعية التى يجب الحفاظ عليها من التلوث بجانب الأستفادة الآمنة من مياه الصرف الصحى المعالجة فى زراعة الاشجارالخشبية وأشجار الزينة. ويوجد ما يقرب من 2.4 مليار متر مكعب سنويا لا يتم الأستفادة منها بل كانت تمثل عبئا كبيرا لما تسببه من تلوث لليبئة عند التخلص منها سواء بالقاؤها على نهر النيل أو البحيرات الشمالية أو السواحل البحرية مما يهدد البيئة والتنوع الحيوى بها.. ومع التقدم العلمى المتطور أصبح تعظيم الأستفادة من هذه المياه حتمية إستراتيجية لزيادة مصادر المياه والتوسع الأفقى للأراضى والحصول على غذاء آمن صحيا.
وتشكل مياه الصرف الصحى المعالج ما يعادل 10% من الموارد المائية المتاحة فى مصر وعليه فإن إستغلالها كبديل للمياه العذبة فى الرى للحفاظ على البيئة والصحة العامة.
وما يتم إنتاجه يوميا على مستوى الجمهورية حاليا 6.3 سوف تزيد الى 8.3 مليون متر مكعب يوميا بحلول 2017 (الكود المصرى 501 لسنة 2005) ويتم إعادة إستخدام ما يقرب من 0.4 مليار م3/سنة فى الزراعة تزاد الى 2.5 مليار م3/سنة بحلول 2017.
خصائص نوعية هذة المياه :-
فهناك تحذيرات هامة لصرف مياه الصحي إلى المصارف الزراعية أو المجارى المائية او استخدامها فى الزراعة بوجه عام بدون إجراء معالجة للأسباب التالية:-
1- النتروجين الذائب الذى يتأكسد الى نترات ويسبب أمراض للأنسان حيث يصل أيون النترات والنتريت مع مياه الرى أو الصرف أو تختزنه بعض النباتات فى أنسجتها بنسبة عالية مثل (البنجر- الجزر- الكرنب- الفجل- الكرفس- الخس- السبانخ- الخيار – الفاصوليا) مما يفقدها الطعم وتغير لونها ورائحتها. وتنتقل النترات عبر السلاسل الغذائية للأنسان فتسبب فقر دم عند الأطفال وسرطان البلعوم والمثانة عند الكبار.
2- العناصر الثقيلة مثل النيكل – الكوبالت- الزئبق – الرصاص- الكادميوم- الفلوريد- السلينيوم حيث الزئبق والمنجنيز يؤثر على المخ والأعصاب
الكوبالت واليود يؤثر على الغدة الدرقية.
• الزئبق والكادميوم يؤثر على الكلى.
• السلينيوم يؤثر على الأسنان واللثة.
• الرصاص يسبب أمراض الدم والقلب والسرطان.
3- العناصر النادرة مثل الحديد والنحاس والزنك والمنجنيز وجودها بتركيزات عالية جدا تؤدى الى سمية النبات.
4- وجود العديد من البكتريا الضار بنسب تتجاوز الملايين من بكتريا القولون البرازية والتى تعتبر المصدر الأساسى للأمراض المعوية وبكتريا السالمونيلا التى تسبب أمراض التيفود وبكتريا الشيجلا التى تسبب أمراض الأسهال.
5- وجود العديد من بويضات الطفيليات المسببة لكثير من الأمراض البلهارسيا والأنكلستوما والأسكارس والديدان الكبدية بالإضافة الى وجود البويضات التى تسبب الأمراض للماشية والتى تنتقل للأنسان مثل التينيا سوليوم والتينيا ساجنيتا.
6- قد تنبعث روائح كريهة من مياه المجارى والتى تمثل خليط من غاز كبريتيد الأيدروجين وهو يسبب تهيج للأغشية المخاطية بالعيون والجهاز التنفسى وغاز الأمونيا وهو غاز شديد السمية يسبب تهيج للأغشية المخاطية بالحنجرة والأنف ويسبب أحيانا العقم وتتفاوت شدة الأنبعاث لهذه الغازات تبعا لفصول السنة.
7-العناصر البيولوجية والكيماوية مثل الأوكسجين الكيماوى والأوكسجين البيولوجى والمواد العضوية العالقة بهذه المياه.
8-تدهور فى كل الصفات النباتية ونسبة الإنبات للتلوث بعنصرى الرصاص والنيكل ووجد تراكم تدريجى للعناصر الثقيلة فى البادرات.
تشريعات و معايير الاستفادة من استخدام مياة الصرف الصحى المعالج:-
يجب الأخذ في الاعتبار التشريعات و القوانيين المنظمة لاستخدام مثل هذة النوعية فى الزراعة:-
1- قانون البيئة رقم (4) لسنة 1994: والذى يهتم بالشروط والمواصفات القياسية لنوعية مياة الصرف الصحى المعالج وكذللك المخالفات و العقوبات المقررة للمخالفين.
2- قرار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة رقم (603) لسنة 2002 و الذى ينص على: منع استخدام مياه الصرف الصحى المعالج وغير المعالج فى رى الزراعات التقليدية وقصر استخدامها فى رى الأشجار الخشبية وأشجار الزينة واشجار انتاج الوقود الحيوى مثل الجاتروفا و الهوهوبا وكذا مراعاة التدابير الوقائية لعمال الزراعة عند استخدام مثل هذه النوعية من المياه.

3- الكود المصرى رقم (501) لسنة 2005 :و الذى يتطلب تطابق مياه معايير و مواصفات مياه الصرف الصحي المعالج مع المواصفات الدولية الخاصة بصلاحيتها للزراعة وهى:
-المواصفات القياسية لمنظمة الأغذية و الزراعة (1985).
-المواصفات القياسية لمنظمة الصحة العالمية (1989).

و يحظر استخدام مياه الصرف الصحى المعالج فى زراعة:-
1- الخضر التى تؤكل نيئة أو مطبوخة.
2- جميع أشجار الفاكهة التى تؤكل نيئة بدون قشرة مثل الجوافة والعنب.
3- المحاصيل الأستراتيجية مثل القطن – الأرز- البصل- البطاطس- النباتات الطبية والعطرية- الموالح ... ويمكن أن تتضمنه القرارات الإدارية المعنية بمحاصيل إستراتيجية.
4- جميع محاصيل الأعلاف التي يربى عليها الماشية و الحيوانات المدرة للألبان.
5- لا يتم استخدامها إلا بموجب ترخيص من الجهات المختصة يحددها وزير الإسكان على إن تشمل وزارتي ( الصحة – البيئة) و تجرى فحوص دورية كل أربعة شهور.
6- مراعاة الاعتبارات الخاصة بنقل المياه للمزرعة و موقع المزرعة وعزلها عن المناطق الزراعية المجاورة بعمل سور خارجي محاط بأشجار خشبية.

ولذلك فإن تطبيقات إستخدام هذه النوعية من المياه يتطلب:
1- تجنب أى أضرار بكتيرية وأثرها على المحاصيل والثمار التى يتم إنتاجها وتداولها.
2- أختيار نوعية مناسبة من المحاصيل تتفق وهذه المحددات.
3- أختيار طريقة الرى المناسبة وأفضلها طريقة الرى بالتنقيط والرى تحت سطحى.
4- اشتراطات السلامة الصحية للقائمين على استخدام تلك النوعية من المياه:-

أ‌- إستخدام قفازات وأحذية مناسبة ذات رقبة عالية لمنع التلامس بالمياه.
ب‌- التطعيم ضد الكوليرا والتيفود والتهاب الكبد الوبائى.
ج- الكشف الطبى الدورى مرة كل سنة على الأقل.
د- توفير مكان نظيف به مياه نقية لفترات الراحة والأكل أثناء العمل.

ما هي المراحل التى يتم المعالجة بها مياه الصرف الصحى:
المرحلة الأولى.. المعالجة الطبيعية والتى تشمل التخلص من المخلفات والشوائب العالقة بمختلف أنواعها بالإضافة الى التخلص من الرمال العالقة.

المرحلة الثنائية .. وتشمل المعالجة البيولوجية .. وفيها يتم إذابة الأكسجين الحيوى فى المياه لإنعاش البكتريا الهوائية وتشمل أحواض الترسيب التى يتم من خلالها فصل الماء الصافى عن الحماة.


المرحلة الثلاثية .. وتشمل فلترة المياه المعالجة ثنائيا بواسطة المرشحات الرملية مع إضافة غاز الكلور للتعقيم قبل وبعد الفلترة للتأكد من إبادة كافة الفيروسات والبكتريا والديدان حتى تكون خواص المياه مطابقة للمواصفات العالمية ليتم إستخدامها فى الأغراض الزراعية ويترواح تركيز الكلور الحر المتبقى من 1-2 ملجم/لتر.

الخطة الإستراتجية القومية المصرية:-

قامت مصر باستغلال المتاح من مياة الصرف الصحى المعالج فى:

1- زراعة الغابات الشجرية فى جميع المحافظات وفى الظهير الصحراوى بالقرب من محطات انتاج الصرف الصحي حيث أنشىء حاليا (24) غابة صناعية فى (16) محافظة بمصر لتغطى مساحة 11195 فدان، تعتمد فى ريها على مياه الصرف الصحى المعالج بالتنسيق مع الشركة القابضة لمياة الشرب و الصرف الصحى و ادارة التشجير بوزارة الزراعة.

2-زراعة الأشجار الخشبية كحزام اخضر حول المدن من خلال المشروع القومى للأستخدام الآمن لمياه الصرف الصحى المعالج فى زراعة الحزام الأخضر حول القاهرة الكبرى (القاهرة- الجيزة- القليوبية) لمسافة تزيد عن 100كيلو متر وبعرض 25متر على الجانبين. بهدف :-
- نشر المساحات الخضراء طول الطريق الدائرى للقاهرة الكبرى لتجميل العاصمة.
- حماية البيئة من التلوث.
- تحقيق عائد اقتصادى كبير من الأشجار التى يمكن زراعتها.
- حماية المواطنين من الإصابة بالأمراض الصدرية والحساسية والعصبية وأمراض القلب والمحافظة على الصحة العامة.
- توفير فرص عمل للخريجين.
- تعظيم الأستفادة من مياه الصرف الصحى المعالج.

3 -زراعة أشجار إنتاج الزيوت مثل الجاتروفا و الهوهوبا و الخروع لانتاج الوقود الحيوى كمصدر للطاقة المتجددة. منها (400) فدان تم زراعتها بالكامل بالجاتروفا لإنتاج الوقود الحيوى فى غابة الصداقة بالسويس (مساهمة القطاع الخاص).كما تقرر طبقا لاتفاقية مع حكومة كوريا على زراعة575 فدان بأشجار الجاتروفا في منطقة أبو وراش ثم اعتبار هذه المساحة مشتل لزراعة 240000 فدان في الصف.




4-زيادة عدد محطات المعالجة فى مناطق الوادى بأسيوط والتبين وحلوان وتطوير (14محطة) معالجة لتزيد سعتها التصميمية على مستوى الجمهورية.

5-التوسع الأفقي باستصلاح 3.4 مليون فدان يخصص منها (250) الف فدان تروى بمياه الصرف الصحىالمعالج بالقاهرة، (50) الف فدان بالأسكندرية. وتبلغ الأحتياجات المائية لها 1.7 مليار متر مكعب/سنة يتم إستهلاك مليار م3/سنة من هذه الاحتياجات ويعود منها 0.7 مليار متر مكعب/سنة الى شبكة الصرف الزراعىو استغلالها فى زراعة محصيل الزيوت و الالياف المستخدمة فى الصناعة.

6-التعاون الفني الدولي في مجال تعظيم الاستفادة من مياة الصرف الصحى المعالج فى زراعة الأشجار الخشبية حيث أنشئت(5) غابات صناعية على النحو التالى:
ا-الصداقة المصرية – الصينية(120 فدان) بمدينة السادات محافظة المنوفية .
2-الصداقة المصرية – التونسية (500 فدان ) بسرابيوم بمحافظة الإسماعيلية.
3-الصداقة المصرية – البور كينية( 500 فدان) بمدينة الصف بمحافظة الجيزة.
4-الصداقة المصرية- الألمانية(100فدان) بمحافظة الفيوم.
5- الصداقة المصرية اليابانية(80 فدان) بالبحيرة.

أنواع الأشجار الخشبية التى يمكن زراعتها فى الغابات:
1- السرو Cupressus Sp. 10- البامبو
11- الجاتروفا
12- الحور Dendrocalamus
2- الصنوبريات Pinus Sp. Jatropha Curcas
3- الكايا Khaya Senegalensis Popular Sp.
4- الكافور Eucalyptus Sp.
5- الأكاسيا Acacia Saligna
6- التوت Morus Sp.
7- السيسال Agava Sisalana
8- الكازورينا Casuarina Sp.
9- كنكاريس Concarpus Sp.
وتتميز هذه الأنواع بتوافر القيمة الأقتصادية العالية وملاءمتها للظروف البيئية للمنطقة وكمصدات رياح لجميع الطرق الداخلية والخارجية وحول الأسوار للمزارع.
الأهمية الأقتصادية لتعظيم الأستفادة من مياه الصرف الصحى المعالج:
فإن الاستغلال الأمثل لمياه الصرف الصحى المعالج يؤدى الى :-
1- زيادة العائد الأقتصادى للمزارع والدخل القومى نتيجة إستغلال الأشجار الخشبية فى الصناعات الخشبية أو محاصيل الألياف فى التصنيع الزراعى من زيوت وألياف أو أعلاف حيوانية تعود بالنفع على مزارعيها:-
ب‌- إنشاء وحدات لإستخلاص وتنقية وتعبئة الزيوت من بذور أشجار الجاتروفا وتستغل فى إنتاج الوقود الحيوى.
ت‌- إنشاء مصانع لغزل الحرير من ديدان القز التى تربى على أوراق التوت.
ج- إنشاء مصنع لإنتاج الحبال من أشجار السيسال.
د- إنشاء مصانع الأثاث والأسكان والفحم من زراعة أشجار الكايا.
هـ- إنشاء مصانع من أشجار السنط العربى (أكاسيا) لإنتاج الصموغ والراتنجات.
2- تجنب تدنى نوعية المياه بالمجارى المائية نتيجة تلوثها بمياه الصرف الصحى وبالتالى زيادة الثروة السمكية وإرتفاع إنتاجية المحاصيل.
3- أثبتت التجارب أن التجمع الشجرى فى مساحة فدان واحد من الأرض الزراعية يمتص 450كجم من غاز ثانى أكسيد الكربون ويطلق 250كجم من الأوكسجين/ساعة.
4-رى الأشجار الخشبية بمياه الصرف الصحى يعطى عائد إقتصادى مرتفع عنه بالرى بالمساحات التى تروى بالمياه التقليدية لما تحويه من عناصر غذائية ومواد عضوية تحسن من خصوبة التربة الزراعية.
5- إحلال الأخشاب المنتجة محليا محل الأخشاب المستوردة بما يحسن ميزان المدفوعات ويقلل التضخم.
6- تحسين نوعية الهواء.. حيث الشجرة المتوسطة تمتص 1.7كجم من ثاننى أكسيد الكربون وتنتج (140لتر ) أوكسجين يوميا. بالإضافة الى تقليل سرعة الهواء المحمل بالأتربة مما يؤدى الى ترسيب الملوثات العالقة بالجو فيصبح الهواء نقيا.
7- مكافحة التصحر بزراعة الصحراء حيث تمثل الصحراء فى مصر 95% من إجمالى المساحة الكلية.
8- حماية التنوع الحيوى فى البحيرات الشمالية والسواحل البحرية فى المنطقة الأقتصادية.
9- بناء القدرات المحلية فى تعظيم الأستفادة من مياه الصرف الصحى.

دور معهد بحوث الاراضى و المياة و البيئة:-
1-منذ التسعينات اجريت العديد من الدراسات و البحوث فى مناطق الجبل الاصفر و ابورواش و بلبيس و بحيرة المنزلة وجنوب سهل الحسينية وخلصت الى انة يفضل زراعة الاشجار الخشبية و اشجار الزينة و المحاصيل الزيتية و الالياف المنتجة صناعيا و افضل طريقة للرى هى الرى بالتنقيط و يحذر زراعة محاصيل الخضر والفاكهة و العلف.
2-تقديم الخدمات الفنية من خلال وحدة الاراضى و المياة و البيئة وهى وحدة ذات طابع خاص لخدمة المزارعيين و المستثمرين(صلاحية المياة للرى- المحاصيل المناسبة لنوعية المياة –تقنيات تحسين خصوبة التربة – التوصيات السمادية- النشرات الارشادية – انتاج الاسمدة الحيوية- حقن التربة بالامونيا الغازية – تدوير المخلفات الزراعية).
3- التعاون مع الأجهزة المعنية بالبيئة مثل وزارة الموارد المائيةوالرى و البيئة و الصحة و الداخلية و الحكم المحلى .
4-التعاون الدولي في مجال الدراسات و البحوث في زراعة أشجار الجاتروفا لإنتاج الوقود الوقود الحيوي مع حكومة الصين في منطقة أبو وراش .. و مع المنظمة العربية للتنمية الزراعية في الأقصر و الإسماعيلية و مرسى مطروح.